قال اللَّهُ: ﴿ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾، فأمسَك رسولُ اللَّهِ ﷺ النساءَ، وردَّ الرجالَ، وسألَ الذي أمَرَه اللَّهُ أن يسألَ مِن صَدُقَاتِ النساءِ مَن حبسوا منهنَّ، وأن يردُّوا عليهم مثلَ الذي يردُّون عليهم إن هم فعلوا، ولولا الذي حكَم اللَّهُ به مِن هذا الحكمِ، ردَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ النساءَ كما ردَّ الرجالَ، ولولا الهدنةُ والعهدُ الذي كان بينَه وبينَ قريشٍ يومَ الحديبيةِ، أمسَك النساءَ ولم يَرْدُدْ إليهم صداقًا، وكذلك يصنعُ بمن جاءه مِن المسلماتِ قبلَ العهدِ (١).
وقولُه: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: واللَّهُ ذو علمٍ بما يُصْلِحُ خلْقَه، وغيرِ ذلك مِن الأمورِ، حكيمٌ في تدبيرِه إيَّاهم.
يقولُ جلَّ ثناؤُه للمؤمنين مِن أصحابِ رسولِ اللَّهِ ﷺ: وإن فاتكم أيُّها المؤمنون شيءٌ من أزواجِكم إلى الكفارِ فلحِق بهم.
واختلَف أهلُ التأويلِ في الكفارِ الذين عُنُوا بقولِه: ﴿إِلَى الْكُفَّارِ﴾ مَن هم؟ فقال بعضُهم: هم الكفارُ الذين لم يكنْ بينهم وبينَ رسولِ اللَّهِ ﷺ عهدٌ. قالوا: ومعنى الكلامِ: وإن فاتكم شيءٌ مِن أزواجِكم إلى مَن ليس بينَكم وبينَهم عهدٌ مِن الكفارِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ﴾: الذين ليس بينَكم وبينهم