للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: ولم يَقُلْ: مِن فوقِهم؛ لأن رحمةَ اللَّهِ تَنْزِلُ على عبادِه مِن فوقِهم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني سعدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بن عبدِ الحكمِ، قال: ثنا حفصُ بنُ عمرَ، قال: ثنا الحكمُ بنُ أبانٍ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ في قولِه: ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾. ولم يَقُلْ: مِن فوقِهم؛ لأن الرحمةَ تَنْزِلُ مِن فوقِهم (١).

وأما قولُه: ﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧)﴾. فإنه يقولُ: ولا تَجِدُ يا (٢) ربِّ أكثرَ بني آدمَ شاكرين لك نعمتَك التي أنْعَمْتَ عليهم، بتَكْرمتِك (٣) أباهم آدمَ بما أكْرَمْتَه به، مِن إسجادِك له ملائكتَك، وتفضيلِك إياه عليَّ. وشكرُهم إياه طاعتُهم له بالإقرارِ بتوحيدِه، واتِّباعِ أمرِه ونهيِه.

وكان ابن عباسٍ يقولُ في ذلك بما حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾. يقولُ: مُوَحِّدِين (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا﴾.

وهذا خبرٌ مِن اللَّهِ جل ثناؤُه عن إحلالِه بالخبيثِ عدوِّ اللَّهِ ما أحَلَّ به مِن نِقْمتِه ولعنتِه، وطردِه إياه عن جنتِه، إذ عصاه وخالَف أمرَه، وراجَعَه مِن الجوابِ بما لم تَكُنْ


(١) أخرجه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (٦٦١) من طريق الحكم به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٧٣ إلى عبد بن حميد.
(٢) سقط من: ص م، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف.
(٣) في م: "كتكرمتك".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٤٦ (٨٢٦٣) من طريق عبد الله بن صالح به. وهو في الدر المنثور ٣/ ٧٣ من تمام الأثر المتقدم في ص ٩٧.