قيل: لا؛ لأن ذلك إنما كانَ يكونُ جائزا لو تقدَّم الوصيةَ مِن الكلامِ ما يَصْلُحُ أن تكونَ الوصيةُ خارجةً منه، فأَمَّا ولم يَتَقَدَّمه ما يَحْسُنُ أن تكون منصوبةً بخروجِها منه، فغيرُ جائزٍ نصبُها بذلك المعنَى.
ذكرُ بعض مَن قال: إِنَّ سُكنَى حوْلٍ كامل كان حقًّا لأزواج المتوفِّين بعدَ موتِهم على ما قُلنا، أوصَى بذلك أزواجُهنَّ لهنَّ أو لم يُوصُوا لهنَّ به، وأن ذلك نُسِخ بما ذكَرنا مِن الأربعةِ الأشهرِ والعشرِ والميراثِ
حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا الحجَّاجُ بنُ مِنهالٍ، قال: ثنا هَمَّامُ بن يحيى، قال: سألتُ قتادة عن قولِه: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ﴾. فقال: كانت المرأةُ إذا تُوفِّى عنها زوجُها، كان لها السُّكْنَى والنفقةُ حَوْلًا في مالِ زوجِها ما لم تَخْرُجُ، ثم نسخ ذلك بعدُ في سورةِ "النساء"، فجعَل لها فريضةً معلومةً؛ الثمن إن كان له ولدٌ، والرُّبُع إن لم يكن له ولدٌ، وعِدَّتَها أربعةَ أشهرٍ وعشرًا، فقال تعالى ذِكُره: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾. فنسَختْ هذه الآيةُ ما كان قبلَها مِن أمرِ الحوْلِ (١).
حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ في قولِه: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ﴾ الآية. قال: كان هذا مِن قبل أن تَنْزِل آيةُ الميراثِ، فكانت المرأةُ إذا تُوفِّى عنها زوجُها، كان لها السُّكْنَى والنفقةُ حولًا إن شاءَت، فنسَخ ذلك
(١) أخرجه ابن الجوزى في نواسخ القرآن ص ٢١٥ من طريق همام به، وهو في تفسير عبد الرزاق ١/ ٩٦ - ومن طريقه النحاس في ناسخه ص ٢٤٠ - عن معمر، عن قتادة.