للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقدِ البيعِ، إذا فسَد هذان المعنيان. وإذا كان ذلك كذلك، صحَّ أن المعنى الآخرَ مِن قولِ رسولِ اللهِ - أعنى قولَه: "ما لم يَتَفَرَّقا" - إنما هو التَّفَرُّقُ بعدَ عقدِ البيعِ، كما كان التخييرُ بعدَه. إذا صحَّ ذلك، فسَد قولُ مَن زعم أن معنى ذلك إنما هو التفرُّقُ بالقولِ الذي به يَكُونُ البيعُ. وإذا فسَد ذلك، صحَّ ما قلنا مِن أن التخييرَ والافتراقَ إنما هما مَعْنَيانِ بهما يَكُونُ تمامُ البيعِ بعدَ عقدِه، وصحَّ تأويلُ مَن قال: معنى قولِه: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾: إلا أن يَكُونَ أكلُكم الأموالَ التي تأكُلُها بعضُكم لبعضٍ، عن مِلْكٍ منكم عمن ملَكْتُموها عليه، بتجارةٍ تَبايَعْتُموها بينَكم، وافْتَرَقتم عنها عن تَراضٍ منكم بعدَ عقدِ البيعِ بينَكم بأبدانِكم، أو يُخَيِّرَ بعضُكم بعضًا.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩)﴾.

يعني بقولِه (١) جلّ ثناؤُه: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾: ولا يَقْتُلْ بعضُكم بعضًا وأنتم أهلُ ملَّةٍ واحدةٍ ودعوةٍ واحدةٍ ودينٍ واحدٍ. فجعَل جلَّ ثناؤُه أهلَ الإسلامِ كلَّهم بعضَهم مِن بعضٍ، وجعَل القاتلَ منهم قتيلًا، في قتلِه إياه منهم، بمنزلةِ قَتْلِه نفسَه، إذ كان القاتلُ والمقتولُ أهلَ يدٍ واحدةٍ على مَن خالَف ملتَهما.

وبنحوِ ما قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مفضلٍ، قال: ثنا أسْباطُ، عن


(١) في م: "بذلك".