للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيءٍ وبارئُه وصانعُه، وحقٌّ على المصنوعِ أن يُفْرِدَ صانعَه بالعبادةِ، ﴿فَاعْبُدُوهُ﴾.

يقولُ: فذِلُّوا له بالطاعةِ والعبادةِ والخدمةِ، واخْضَعوا له بذلك، ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾. يقولُ: واللهُ على كلِّ ما خلَق مِن شيءٍ رقيبٌ وحَفيظٌ، يقومُ بأرزاقِ جميعِه وأقْواتِه وسياستِه وتدبيرِه وتصريفِه بقدرتِه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣)﴾.

اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾؛ فقال بعضُهم: معناه: لا تُحيطُ به الأبصارُ وهو يُحيطُ بها.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾. يقولُ: لا يُحِيطُ بصرُ أحدٍ بالمَلِكِ (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾: وهو أعظمُ مِن أن تُدْرِكَه الأبصارُ (٢).

حدَّثني سعدُ (٣) بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ الحكمِ، قال: ثنا خالدُ بنُ عبدِ الرحمنِ، قال: ثنا أبو عَرفَجةَ، عن عطيةَ العَوْفيِّ في قولِه: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢، ٢٣]. قال: هم يَنْظُرون إلى اللهِ، لا تُحِيطُ أبصارُهم به مِن عظمتِه،


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٧ إلى المصنف.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٧ إلى المصنف وعبد بن حميد وأبي الشيخ.
(٣) في النسخ: "يونس". وتقدم على الصواب في ١/ ٣٦٠، وسيأتي على الصواب أيضا في تفسير الآيتين من سورة القيامة، فسيذكر المصنف الأثر مرة أخرى بنفس الإسناد.