للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: زوَّجُوا الصالحين من عبادِكم وإمائِكم، ولا تُكْرِهُوا إماءَكم ﴿عَلَى الْبِغَاءِ﴾ وهو الزنى، ﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾. يقولُ: إن أرَدْنَ تعفُّفًا عن الزنى (١)، ﴿لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. يقولُ: لتَلتَمِسوا بإكراهِكم إياهن على الزنى ﴿عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. وذلك ما تَعْرِضُ لهم إليه الحاجةُ؛ مِن رِياشِها وزينتِها وأموالِها، ﴿وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ﴾. يقولُ: ومَن يُكْرِهْ فتياتِه على البِغاءِ، فإِن الله مِن بعدِ إكراهِه إياهن على ذلك، لهن (٢) غفورٌ رحيمٌ، ووِزْرُ ما كان مِن ذلك عليهم دونَهن.

وذُكِر أن هذه الآيةَ أُنْزِلَت في عبدِ اللهِ بن أَبِيٍّ ابْنِ سَلُولَ حِينَ أَكْرَهُ أَمَتَهُ مُسَيْكَةَ على الزني.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا الحسنُ بنُ الصَّبَاحِ، قال: ثنا حجاجُ بنُ محمدٍ، عن ابن جُرَيْجٍ، قال: أخبَرني أبو الزبيرِ، أنه سمِع جابرَ بنَ عبدِ اللهِ يقولُ: جاءت مُسَيْكةُ لبعضِ الأنصارِ، فقالت: إن سيدى يُكْرِهُنى على الزنى. فنزَلَت في ذلك: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ﴾ (٣).

حدَّثني يحيى بنُ إبراهيمَ المسعوديُّ، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن جدِّه، عن الأعمشِ، عن أبي سفيانَ، عن جابرٍ، قال: كانت جاريةٌ لعبدِ اللهِ بن أبيٍّ ابن سَلُولَ، يقالُ لها: مُسَيْكةُ. فآجَرها، أو أكْرَهها - الطبريُّ يشكُّ (٤) - فأتَتِ


(١) في ت ١: "الفحشاء".
(٢) في النسخ: "لهم".
(٣) أخرجه أبو داود (٢٣١١)، والنسائى في الكبرى (١١٣٦٥)، والحاكم ٢/ ٣٩٧ من طريق حجاج بن محمد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٤٦ إلى ابن مردويه.
(٤) في م: "شك".