للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعزَّ، تَكَذُّبًا على اللهِ وافتراءً عليه، فنفى اللهُ بقولِه: ﴿يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾. أن يكونَ وَليَ كتابةَ ذلك بعضُ جُهّالِهم بأمرِ علمائِهم وأحبارِهم. وذلك نظيرُ قولِ القائلِ: باعني فلانٌ عينُه كذا (١)، واشتَرى فلانٌ نفسُه كذا. يرادُ بإدخالِ النفسِ والعينِ في ذلك نَفيُ اللَّبْسِ عن سامعِه أن يكونَ المتولِّي بيعَ ذلك أو شراءَه غيرَ الموصوفِ به بأمرِه، ويُوجِبُ حقيقةَ الفعلِ للمُخْبَرِ عنه، فكذلك قولُه: ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩)﴾.

يعني جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ﴾. أي: فالعذابُ في الوادِي السائلِ من صديدِ أهلِ النارِ في أسفلِ جهنمَ لهم. يعني: للذين كتَبوا الكتابَ الذي وصَفْنا أمْرَه من يهودِ بني إسرائيلَ محرَّفًا، ثم قالوا: هذا من عندِ اللهِ. ابتغاءَ عَرَضٍ من الدنيا (٢) قليلٍ ممن يبتاعُه منهم.

وقولُه: ﴿مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ﴾. يقولُ: من الذي كَتَبَتْ أيديهم من ذلك، ﴿وَوَيْلٌ لَهُمْ﴾ أيضًا ﴿مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾ يعنى: مما يعمَلون من الخطايا، ويجتَرِحُون من الآثامِ، ويَكْسِبون من الحرامِ، بكتابِهم الذي يَكْتُبونه بأيديهم بخلافِ ما أَنزَل اللهُ، ثم يَأكُلون ثمنَه وقد باعُوه ممن باعُوه منهم (٣) على أنه من كتابِ اللهِ.

كما حدثني المثنى، قال: ثنا آدمُ، قال: حدثنا أبو جعفرٍ، عن الربيعِ، عن أبي


(١) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "وكذا".
(٢) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "به".
(٣) في الأصل: "به".