للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قولُه: ﴿مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ فإنه يعنى به (١): من الذي يرتدُّ عن دينِه، فيُنافقُ، أو يكفُرُ، أو يخالفُ محمدًا في ذلك، ممن يُظهِرُ اتِّباعَه.

كما حدَّثنى يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ قال: من إذا دخَلته شبهةٌ رجَع عن اللهِ، وانقَلب كافرًا على عَقِبيْه.

وأصلُ المرتدِّ على عَقِبيه - [وهو] (٢) المنقلِبُ على عَقِبيه- الراجِعُ مستدبِرًا في الطريقِ الذي قد كان قطَعه، منصرِفًا عنه، فقيل ذلك لكلِّ راجعٍ عن أمرٍ كان فيه، من دينٍ أو خبرٍ (٣)، ومن ذلك قولُه: ﴿فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ [الكهف: ٦٤] بمعنى: رجَعا في الطريقِ الذي كانا سلَكاه.

وإنما قيل للمرتدِّ: مُرتدٌّ. [من ذلك] (٤)؛ لرُجوعِه عن دينِه وملَّتِه التى كان عليها. وإنما قيل: رجَع على عَقِبيه. لرُجوعِه دُبُرًا علَى عَقِبيْه (٥) إلى الوجهِ الذي كان فيه بدءُ سيرِه قبلَ مرجِعِه عنه. فجُعل (٦) ذلك مثلًا لكلِّ تاركٍ أمرًا وآخذٍ آخرَ غيرَه، إذا انصَرف عما كان فيه إلى الذي كان له تاركًا فأخذَه، فقيل: ارتدَّ فلانٌ على عَقِبيْه (٥)، وانقلَب على عَقِبيْه.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ﴾.


(١) سقط من: م.
(٢) في م: "هو".
(٣) في م: "خير".
(٤) سقط من: م.
(٥) في م: "عقبه".
(٦) في م: "فيجعل".