للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثنا معاذُ بنُ مسلمٍ بيّاعُ (١) الهرويِّ، عن عطاءِ بن السائبِ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: لمَّا نَزَلت: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾، وضَع Object يَدَه على صدِره فقال: "أنا المُنْذِرُ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ". وأومَأ بيدِه إلى مَنْكِب عليٍّ، فقال: "أنت الهادى يا عليُّ، بك يهتدى المهتدون بعدى" (٢).

وقال آخرون: معناه: لكلِّ قوم داعٍ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾. يقولُ: داعٍ (٣).

وقد بَيَّنتُ معنى الهدايةِ، وأنه الإمامُ المتَّبِعُ الذي يَقْدُمُ القومَ، فإذ كان ذلك كذلك، فجائزٌ أن يكونَ ذلك هو الله، الذي يَهْدِى خلقَه، ويَتْبعُ خلقُه هدَاه، ويَأْتَمُّون بأمرِه ونهيِه، وجائزٌ أن يكون نبيَّ اللهِ الذي تأتمُّ به أمّتُه، وجائزٌ أن يكونَ إمامًا من الأئمةِ يؤتمُّ به، ويَتَّبِعُ مِنهاجَه وطريقتَه أصحابُه، وجائزٌ أن يكون داعيًا من الدُّعاةِ إلى خيرٍ أو شرٍّ.

وإذ كان ذلك كذلك، فلا قولَ أولى في ذلك بالصوابِ، من أن يقالَ كما قال جلَّ ثناؤُه: إن محمدًا هو المنذِرُ مَن أُرْسِل إليه بالإنذارِ، وإن لكلِّ قوم هاديًا يَهْدِيهم، فيَتَّبِعُونه ويَأْتمُّون به.


(١) في م: "ثنا"، وهو معاذ بن مسلم الهراء النحوى الكوفى. تنظر ترجمته في وفيات الأعيان ٥/ ٢٢١، وإنباه الرواة ٣/ ٢٨٨.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٣٥٦ نقلًا عن المصنف.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢٢٢٥ (١٢١٥٤) من طريق أبي صالح به.