للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ﴾. يقولُ: مَن خاف اللَّهَ في الدنيا من قبلِ أن يَلْقاه، فأطاعَه واتَّبَع أمرَه.

وفي "مَن" التي (١) في قولِه: ﴿مَنْ خَشِيَ﴾. وجهان من الإعرابِ؛ الخفضُ على إتْباعِه "كلّ" في قولِه: ﴿لِكُلِّ أَوَّابٍ﴾. والرفعُ على الاستئنافِ، وهو مرادٌ به الجزاءُ: "مَن خشِي الرحمنَ بالغيبِ، قيل له ادخُلِ الجنةَ"؛ فيكونُ حينئَذٍ قولُه: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ﴾. جوابًا للجزاءِ، أُضْمِر قبلَه القولُ، وجُعِل فعلًا للجميع؛ لأن "مَن" قد تكونُ في مذهبِ الجميعِ.

وقولُه: ﴿وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ﴾. يقولُ: وجاء اللَّهَ بقلبٍ تائبٍ من ذنوبِه، راجعٍ مما يَكْرَهُه اللَّهُ إلى ما يُرْضِيه.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ﴾. أي مُنيبٍ إلى ربِّه مُقبِلٍ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (٣٤) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (٣٥) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦)﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ﴾. ادخُلوا هذه الجنةَ بأمانٍ من الهمِّ والنصَبِ (٣) والعذابِ وما كنتم تَلقَونه في الدنيا من المكارِه.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿ادْخُلُوهَا


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) تقدم تخريجه في ١٩/ ٢١٩.
(٣) في ص: "العضب"، وفي م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الغضب".