للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تَأْكُلُ طعامًا ولا تَشْرَبُ شرابًا. قال: فناشَدتُها أولَ يومٍ فأبت وصبَرت، فلما كان اليومُ الثاني ناشَدتُها فأَبَت، فلما كان اليومُ الثالثُ ناشَدتُها فأبَت، فقلتُ: واللهِ لو كانت لكِ مِائَةُ نَفْسٍ، لخرَجت قبلَ أن أَدَعَ دينى هذا. فلما رأَت ذلك وعرَفت أنى لستُ فاعلًا، أكَلت (١).

حدَّثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن أبي إسحاقَ، قال: سمِعتُ هُبَيرةَ (٢) قال: نزَلت هذه الآيةُ في سعدِ بن أَبي وقّاصٍ: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا﴾ الآية.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ﴾ أيُّها الإنسانُ والداك ﴿عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي﴾ في عبادتِك إياىَ معى غيرِى، مما لا تَعْلَمُ أنه لى شريكٌ - ولا شريكَ له، تعالى ذكرُه علوًّا كبيرًا - فلا تُطِعْهما فيما أراداك عليه من الشركِ بى، ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾. يقولُ: وصاحِبْهما في الدنيا بالطاعةِ لهما، فيما لا تَبِعةَ عليك فيه فيما بينَك وبيَن ربِّك، ولا إثمَ.

وقولُه: ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾. يقولُ: واسلُكْ طريقَ مَن تاب مِن شركِه، ورجَع إلى الإسلامِ، واتَّبَعَ محمدًا .

وبنحوِ الذي قُلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) أخرجه الطبراني في كتاب العشرة - كما في تفسير ابن كثير ٦/ ٣٣٩، ٣٤٠ من طريق داود به، وأخرجه الواحدى في أسباب النزول ص ٢٥٧ من طريق داود عن أبي عثمان النهدى عن سعد به نحوه، وينظر علل الدارقطني ٤/ ٣١١، ٣١٢.
(٢) بعده في م، ت ٢: "يقول".