للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأنه قد اتَّخَذه خليلًا، فسأَل ربَّه أن يُريَّه عاجلًا مِن العلامةِ له على ذلك، ليَطْمَئِنَّ قلبُه بأنه قد اصطفاه لنفسِه خليلًا، ويكونَ ذلك لما عندَه من اليقينِ مُؤَيِّدًا.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عَمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ، قال: لمَّا اتَّخذ اللهُ إبراهيمَ خليلًا، سأل ملَكُ الموتِ ربَّه أن يَأْذَنَ له فَيُبَشِّر إبراهيمَ بذلك، فأذِن له، فأتَى إبراهيمَ وليس في البيتِ، فدخَل دارَه، وكان إبراهيمُ أغيرَ الناسِ، إذا خرَج أغْلَق البابَ، فلمَّا جاء وجَد في دارِه رجلًا، ثار (١) إليه ليأخُذه، وقال: مِن أذِن لك أن تدخُلَ دارى؟ قال ملَكُ الموتِ: أذِن لي ربُّ هذه الدارِ (٢). قال إبراهيمُ: صدَقتَ. وعرَف أنه ملَكُ الموتِ، قال: مَن أنت؟ قال: أنا ملَكُ الموتِ، جئتُك أُبَشِّرُك بأن الله قد اتَّخَذك خليلًا. فحمِد الله وقال: يا ملَكُ الموتِ، أرِنى الصورةَ التي تَقْبِضُ فيها أنفاسَ الكفارِ، قال: يا إبراهيمُ، لا تُطِيقُ ذلك. قال: بلى. قال: فأَعْرِضْ، فأعرَضَ إبراهيمُ، ثم نظَر إليه، فإذا هو برجلٍ أسوَدَ يَنالُ رأسه السماءَ، يَخْرُجُ مِن فيهِ (٣) لهبُ النارِ، ليس مِن شعرةٍ في جسدِه إلا في صورةِ رجلٍ أسودَ يَخْرُجُ مِن فيه ومسامعِه لَهبُ النارِ، فغُشِيَ على إبراهيم، ثم أفاق وقد تحوَّل ملَكُ الموتِ في الصورةِ الأوُلى، فقال: يا ملَكَ الموتِ، لو لم يَلْقَ الكافرُ عندَ الموتِ مِن البلاءِ والحُزْنِ إلا صورتَك لكفاه، فأَرِى كيفَ تَقْبِضُ أنفاسَ المؤمنين، قال: فَأَعْرِضْ، فَأَعْرَضَ إبراهيمُ ثم التفتَ، فإذا هو برجلٍ شابٍّ أحسنِ الناسِ وجهًا، وأطيبِه رِيحًا، في ثيابٍ بِيضٍ، فقال: يا ملَكَ الموتِ، لو لم يكنِ للمؤمنِ عندَ موتِه (٤) مِن قُرَّةِ العَينِ


(١) في م: "فثار".
(٢) في الأصل: "الدابة".
(٣) في الأصل: "فمه".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ربه".