يقولُ تعالى ذكرُه: تَنزِيلُ (١) الكتابِ الذي نزَّلناه عليك يا محمدُ، مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ في انتقامِه مِن أعدائِه، الحَكيمِ في تدبيرِه خلقَه، لا مِن غيرِه، فلا تكوننَّ في شكٍّ من ذلك.
ورُفِع قولُه: ﴿تَنْزِيلُ﴾ بقولِه: ﴿مِنَ اللَّهِ﴾. وتأويلُ الكلامِ: مِن الله العزيزِ الحكيمِ تنزيلُ الكتابِ. وجائزٌ رفْعُه بإضمارِ "هذا"، كما قيل: ﴿سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا﴾ [النور: ١]. غيرَ أن الرفعَ في قولِه: ﴿تَنْزِيلُ﴾ بما بعدَه، أحسنُ مِن رفعِ ﴿سُورَةٌ﴾ بما بعدَها؛ لأن ﴿تَنْزِيلُ﴾ وإن كان فعلًا، فإنه إلى المعرفةِ أقربُ، إذ كان مضافًا إلى معرفةٍ، فحسُن رفعُه بما بعدَه، وليس ذلك بالحسنِ في ﴿سُورَةٌ﴾؛ لأنه نكرةٌ.
يعنى: بالعدلِ. يقولُ: أنزَلنا إليك هذا القرآنَ يأمرُ بالحقِّ والعدلِ، ومِن ذلك الحقِّ والعدلِ أن تعبدَ الله مخلِصًا له الدينَ؛ لأن الدينَ له، لا للأوثانِ التي لا تملِكُ ضَرًّا ولا نفْعًا.