للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (١).

وقولُه: ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فإن لم تَجِدوا ما تتصدَّقون به أمامَ مناجاتِكم رسولَ اللَّهِ ، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. يقولُ: فإِنَّ اللَّهَ ذو عفوٍ عن ذنوبِكم إذا تُبْتُم منها، رحيمٌ بكم أنْ يُعاقِبَكم عليها بعدَ التوبةِ، وغيرُ مُؤاخِذكم بمناجاتِكم رسولَ اللَّهِ ، قبْلَ أن تُقدِّموا بينَ يدَى نجواكم (٢) إيَّاه صدقةً.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: أَشَقَّ عليكم وخَشِيتُم أيُّها المؤمنون بأنْ تُقَدِّموا بينَ يَدَى نجواكم رسولَ اللَّهِ صدقاتٍ - الفاقةَ. وأصلُ الإشفاقِ في كلامِ العربِ الخوفُ والحذرُ. ومعناه في هذا الموضعِ: أَخَشِيتم بتقديمِ الصدقةِ الفاقةَ والفقرَ؟

وبنحوِ الذي قلنا في تأويلِ ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ﴾. قال: شَقَّ عليكم تقديمُ الصدقةِ، فقد وُضِعَتْ عنكم. وأُمِروا بمناجاةِ رسولِ اللَّهِ بغيرِ صدقةٍ حينَ شَقَّ عليهم ذلك (٣).


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٧٦. وأخرج ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص ٤٧٩ من طريق علي بن الحسين عن أبيه عن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس نحوه.
(٢) في ت ٢، ت ٣: "مناجاتكم".
(٣) تفسير مجاهد ص ٦٥١.