للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمشركين، ابتدَأ أوَّلَ الآيةِ بتهديدِهم، وختَم آخرَها بنكيرِ (١) فعلِهم، واستعظامِ كفرِهم، على وجهِ الخطابِ لهم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (٢)﴾.

اختلَفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ﴾؛ فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ المدينةِ والكوفةِ: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ﴾، بالياءِ، وتشديدِ الزايِ، ونَصْبِ الملائكةِ، بمعنى: يُنَزِّلُ اللَّهُ الملائكةَ بالرُّوحِ (٢). وقرَأ ذلك بعضُ البصريين وبعضُ المكيين: (يُنزِلُ المَلائِكَةَ) بالياءِ وتخفيفِ الزايِ، ونصبِ الملائكةِ (٣). وحُكِى عن بعضِ الكوفيين أنه كان يَقْرَؤُه: (تُنَزَّلُ المَلائِكَةُ) بالتاءِ وتشديدِ الزايِ، والملائكةُ بالرفعِ (٤)، على اختلافٍ عنه في ذلك، وقد رُوِى عنه موافقةُ سائرِ قرأةِ بلدِه.

وأولى القراءاتِ (٥) بالصوابِ في ذلك عندى قراءةُ مَن قرَأ: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ﴾. بمعنى: يُنَزِّلُ اللَّهُ ملائكةً. وإنما اختَرت ذلك، لأن اللَّهَ هو المنزِّلُ ملائكتَه بوحيِه إلى رسلِه، فإضافةُ فعلِ ذلك إليه، أولى وأحقُّ. واختَرت "يُنَزِّلُ" بالتشديدِ على التخفيفِ، لأنه تعالى ذكرُه كان يُنَزِّلُ مِن الوحيِ على مَن نزَّله، شيئًا بعدَ شيءٍ، والتشديدُ به، إذ كان ذلك معناه، أولى مِن التخفيفِ.

[فتأويلُ الكلامِ: يُنَزِّل اللَّهُ ملائكتَه بما يحيا] (٦) به الحقُّ، ويَضْمَحِلُّ به


(١) في ت ١: "بتكبير"، وفى ت ٢، ف: "بتكثير".
(٢) وهى قراءة نافع وعاصم وابن عامر وحمزة. السبعة لابن مجاهد ص ٣٧٠.
(٣) وهى قراءة ابن كثير وأبي عمرو. الموضع السابق.
(٤) وهى قراءة عاصم في رواية أبي بكر عنه. السبعة لابن مجاهد ص ٣٧٠.
(٥) في ت ١: "القراءتين".
(٦) سقط من ت ١، ت ٢، ف.