للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُوجِلوا بالعذابِ عن قريبٍ، ثم أمَره بالرغبةِ إليه في إخراجِه مِن بين أظهرِهم إخراجَ صِدْقٍ يُحاولُه له (١) عليهم، ويُدْخلُه بلدةً غيرَها بمُدخَلِ صِدقٍ يُحاولُه عليهم ولأهلِها في دخولِه إليها، وأن يجعَلَ له سلطانًا نصيرًا على أهلِ البلدةِ التي أخرَجه أهلُها منها، وعلى كلِّ من كان لهم شبيهًا. وإذا أُوتى ذلك، فقد أُوتى - لا شكَّ - حجةً بينةً.

وأما قولُه: ﴿نَصِيرًا﴾. فإنَّ ابنَ زيدٍ كان يقولُ فيه نحوَ قولِنا الذي قلنا فيه.

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا﴾. قال: يَنْصُرُني، وقال لموسى: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا﴾ [القصص: ٣٥]. هذا مقدَّمٌ ومؤخَّرٌ، إنَّما هو سلطانٌ بآياتِنا فلا يَصِلون إليكما.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (٨١) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وقلْ يا محمدُ لهؤلاء المشرِكين الذين كادُوا أن يستفِزُّوكَ من الأرضِ لِيُخْرِجوك منها: ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ﴾.

واختلَف أهلُ التأويلِ في معنى "الحقِّ" الذي أمَر اللَّهُ نبيَّه أَن يُعْلِمَ المشرِكين أنه قد جاء، و "الباطلِ" الذي [أمَره أن يُعْلِمَهم] (٢) أنه قد زَهَق؛ فقال بعضُهم: الحقُّ هو القرآنُ في هذا الموضعِ، والباطلُ هو الشيطانُ.


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ف.
(٢) في ص، ف: "أمرهم أن يعلمه".