للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعربُ تُسَمِّى المُلْكَ التحية؛ ومنه قولُ عمرِو بنِ مَعْدِ يكربَ (١):

أَزُورُ بها أبا قابُوس حتى … أُنِيخَ على تَحِيَّتِهِ بجُنْدِى

ومنه قولُ زُهَيْرِ بنِ جَنابِ الكلبيِّ (٢):

مِن كُلِّ ما نال الفَتَى … قد نِلْتُه إلَّا التَّحِيَّة

وقولُه: ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ﴾. يقولُ: وآخِرُ دُعائهم، ﴿[أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. يقولُ: وآخِرُ دُعائهم] (٣) أن يقولوا: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين. ولذلك خُفِّفَت "أن"، ولم تُشدَّدُ؛ لأنه أُريد بها الحكايةُ (٤).

القولُ في تأويل قوله ﷿: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ﴾ إِجابةً دُعائهم في ﴿الشَّرَّ﴾، وذلك فيما عليهم مَضَرَّةٌ فى نفسٍ أو مالٍ، ﴿اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ﴾. يقولُ: كاسْتِعجالِه لهم فى الخير بالإجابة إذا دَعوه به، ﴿لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾. يقولُ: لهَلَكوا، وعُجِّلَ لهم الموتُ، وهو الأجلُ.

وعنَى بقوله: ﴿لَقُضِيَ﴾. لفُرغَ إليهم من أجلهم، ونُبذ إليهم (٥)، كما قال أبو ذُؤَيبٍ (٦):


(١) ديوان عمرو بن معد يكرب ص ٧٥ باختلاف في روايته.
(٢) شرح القصائد السبع للأنبارى ص ٢٩٨ وفيه مصادر أخرى.
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) بعده فى ت ١، ت ٢، س: "والله الموفق للصواب".
(٥) في م: "تبدى لهم".
(٦) تقدم في ٢/ ٤٦٦. وسيأتى فى تفسير الآيتين ١٠، ١١ من سورة سبأ.