للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: فإن أعْرَض هؤلاء المشركون يا محمدُ، عما أتيْتَهم به مِن الحقَّ، ودعَوْتَهم إليه من الرُّشْدِ، فلم يَسْتَجِيبوا لك، وأَبَوْا قَبوله منك - فدَعْهم؛ فإنَّا لم (١) نُرْسِلْك إليهم رقيبًا عليهم تحْفَظْ عليهم أعمالَهم وتُحْصِيها، ﴿إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾. يقولُ: ما عليك يا محمدُ إلا أن تُبَلِّغَهم ما أَرْسَلْناك به إليهم من الرسالةِ، فإذا بلَّغْتَهم ذلك فقد قضَيْتَ ما عليك، ﴿وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وإنا إذا أَغْنَيْنا ابنَ آدَمَ وأَعْطَيْناه من عندنا سَعَةً - وذلك هو الرحمةُ التي ذكَرها جلَّ ثناؤُه - ﴿فَرِحَ بِهَا﴾. يقولُ: سُرَّ بما أعْطَيْناه من الغِنَى، ورزَقْناه من السَّعةِ وكثرةِ المالِ، ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ﴾. يقولُ: وإن أصابتهم فاقةٌ وفقرٌ وضيقٌ عيشٍ ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾. يقولُ: بما أسْلَفَ مِن معصيةِ اللهِ عقوبةً له على معصيتِه إياه - جحَد نِعَمَ اللهِ، ويَئِسَ من الخيرِ، ﴿فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فإن الإنسانَ جحودٌ نعمَ ربِّه، يُعَدِّدُ المصائبَ، ويَجْحَدُ النعَمَ. وإنما قال: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ﴾. فأخرَج الهاءَ والميمَ مُخْرَجَ كنايةِ جمعِ الذكورِ، وقد ذكَر الإنسانَ قبلَ ذلك بلفظِ (٢) الواحدِ؛ لأنه بمعنى الجمعِ.

القول في تأويلِ قولِه: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: للهِ سلطانُ السماواتِ السبعِ والأرضِ (٣)، يَفعَلُ في سلطانِه ما يَشاءُ، ويَخْلُقُ ما يُحِبُّ خلقَه، يَهَبُ لمن يشاءُ مِن خلقِه من الولدِ الإناثَ


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لن".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بمعنى".
(٣) في م: "الأرضين".