للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا مَعْمَرٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾. قال: لا يؤمنون هم إلا قليلًا (١).

وقد بَيَّنَّا وَجْهَ ذلك بعلَلِه في سورةِ "البقرةِ" (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا﴾.

قال أبو جعفرٍ : يعني جل ثناؤُه بقولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾: اليهودَ مِن بني إسرائيلَ الذين كانوا حَوالَيْ مُهاجَرِ رسولِ اللهِ ، قال اللهُ لهم: يا أيُّها الذين أُنزِل إليهم الكتاب فأُعْطُوا العلمَ به، ﴿آمِنُوا﴾ يقولُ: صدِّقوا، ﴿بِمَا نَزَّلْنَا﴾ (٣) [يعني: بما أنزلنا] (٤) إلى محمدٍ مِن الفُرْقانِ، ﴿مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ﴾. يعنى: مُحقِّقًا للذى معكم مِن التوراةِ التي أنزَلتُها إلى موسى بن عِمْرانَ: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا﴾.

واختَلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: طَمْسُه إياه مَحْوُه آثارَها حتى تصيرَ كالأقْفَاءِ.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن نَطْمِسَ أبصارها، فنُصَيِّرَها عُمْيًا، ولكنَّ الخبرَ خَرج بذِكْرِ الوَجْهِ، والمرادُ به بصرُه، ﴿فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا﴾: فنجعلَ (٥) أبصارَها مِن قبَلِ أقْفائِها.


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٦٤.
(٢) ١/ ٤٠٨، ٤٠٩.
(٣) في الأصل، م: "أنزلنا".
(٤) سقط من: ص، م.
(٥) في الأصل: "فيجعل".