يقولُ تعالى ذِكْرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: وما خَلَّدْنا أحدًا من بنى آدمَ يا محمدٌ قبلَك في الدُّنيا فنُخَلِّدَك فيها، ولا بُدَّ لك من أن تموتَ كما مات مِن قَبْلِكَ رُسُلُنا، ﴿أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾. يقولُ: فهؤلاء المُشرِكون بربِّهم هم الخالِدُون في الدُّنيا بعدَك؟ لا، ما ذلك كذلك، بل هم مَيِّتون بكلِّ حالٍ، عِشْتَ أو مِتَّ. فأُدخِلتِ الفاءُ في "إن" وهى جزاءٌ، وفى جوابِه؛ لأنَّ الجزاءَ مُتَّصِلٌ بكلامٍ قَبْلَه، ودخلت أيضًا في قولِه: ﴿فَهُمُ﴾؛ لأنَّه جوابٌ للجزاءِ، ولو لم يكُنْ في قولِه: ﴿فَهُمُ﴾ الفاءُ، جاز على وجْهَين؛ أحدُهما، أن تكونَ محذوفةً وهى مرادةٌ، والآخرُ، أن يكونَ مرادًا تقديمُها إلى الجزاءِ، فكَأَنَّه قال: أَفَهُمُ الخالدون إن مِتَّ؟
وقولُه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾. يقولُ تعالى ذِكرُه: كلُّ نَفْسٍ مَنْفوسةٍ من خَلْقِه، معالِجَةٌ غُصَصَ الموتِ، ومتجرّعةٌ كأسَها.
وقولُه: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾. يقولُ تعالى ذِكرُه: ونَخْتَبِرُكم أيُّها الناسُ ﴿بِالشَّرِّ﴾. وهو الشِّدَّةُ، نَبْتَلِيكم بها، وبـ ﴿وَالْخَيْرِ﴾. وهو الرخاءُ والسَّعةُ والعافيةُ، فنَفْتِنُكم به.