للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾. قال: الريحُ: النصرُ، لم يَكُنْ نصرٌ قَطُّ إِلا بريحٍ يَبْعَثُها اللهُ تضْرِبُ وجوهَ العدوِّ، فإذا كان ذلك لم يَكُنْ لهم قِوَامٌ (١).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا﴾ أى: لا تَخْتَلِفوا فيَتَفَرَّقَ، أمرُكم، ﴿وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾: فيَذْهَبَ حَدُّكم (٢)، ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ أي: إني معكم إذا فعَلْتُم ذلك (٣).

حدَّثني يونُسُ، قال: أَخْبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قوله: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا﴾. قال: الفشلُ: الضعفُ عن جهادِ عدوِّه والانكسارُ لهم، فذلك الفشلُ (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٧)﴾.

وهذا تقدُّمٌ مِن الله جلَّ ثناؤُه إلى المؤمنين به وبرسولِه ألا (٥) يَعْمَلُوا عملًا إلا للهِ خاصةً، وطلَبِ ما عندَه، لا رِئَاءَ الناسِ، كما فعل القومُ مِن المشركين في مسيرِهم إلى بدرٍ طلبَ رئاءِ الناسِ، وذلك أنهم أُخْبِروا بفَوْتِ (٦) العِيرِ رسولَ اللهِ وأصحابَه، وقيل لهم: انْصَرِفوا فقد سلِمَت العيرُ التي جئْتم لنصْرتِها. فأبَوْا وقالوا: نَأْتِي بدرًا، فَنَشْرَبُ بها الخمرَ، وتَعْزِفُ علينا القِيانُ، وتَتَحَدَّثُ بنا العربُ (٧) فيها.


(١) قِوام كل شيء وقَوامه: عماده ونظامه. الوسيط (ق و م).
والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧١٢ من طريق أصبغ عن ابن زيد.
(٢) فى م: "جدكم"، وفى سيرة ابن هشام: "حدتكم". والحد: البأس. ينظر الوسيط (ح د د).
(٣) سيرة ابن هشام ١/ ٦٧٣.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧١٢ من طريق أصبغ عن ابن زيد به.
(٥) في م: "لا".
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "بقرب".
(٧) بعده في م: "لمكانتنا".