للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأطفالَ لَوَجَب أن يكونَ المُسْتَحْيَوْن هم الصَّبايا. قالوا: وفى إخبارِ اللهِ ﷿ أنهم النساءُ ما يُبينُ عن (١) أن المُذَبَّحِين هم الرجالُ.

وقد أغْفَل قائلو هذه المَقالةِ -مع خروجِهم مِن تأويلِ أهلِ التأويلِ مِن الصحابةِ والتابعين- موضعَ الصوابِ، وذلك أن الله جل ثناؤُه قد أخْبَر عن وَحيه إلى أمِّ موسى أنه أمَرها أن تُرْضِعَ موسى، فإذا خافَت عليه أن تُلْقِيَه فى التابوتِ، ثم تُلْقِيَه فى اليَمِّ، فمعلومٌ بذلك أن القومَ لو كانوا إنما كانوا (٢) يَقْتُلون الرجالَ ويَتْرُكون النساءَ، لم يَكُنْ بأمِّ موسى حاجةٌ إلى إلقاءِ موسى فى اليَمِّ، أو لو أن موسى كان رجلًا لم تَجْعَلْه أمُّه فى التابوتِ.

ولكن ذلك عندَنا على ما تأوَّله ابنُ عباسٍ ومَن حكَيْنا قولَه قبلُ، مِن ذبْحِ آلِ فرعونَ الصِّبيانَ وترْكِهم مِن القتلِ الصَّبايا. وإنما قيل: ﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾ إذ (٣) كان الصَّبايا داخلاتٍ مع أُمهاتِهن -وأمهاتُهن لا شكَّ نساءٌ- فى الاسْتِحياءِ؛ لأنهم لم يكونوا يَقْتلون صغارَ النساءِ ولا كِبارَهن، فقيل: ﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾ يعنى بذلك الوالداتِ والمولوداتِ، كما يُقالُ: قد أقبلَ الرجالُ. وإن كان فيهم صِبْيانٌ. فكذلك قولُه: ﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾. وأما مِن الذكورِ فإنه لمَّا لم يَكُنْ يُذْبَحُ إلا المولودون قيل: ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ﴾ ولم يَقُلْ: يُذَبِّحون رجالَكم.

القولُ فى تأويلِ قولِه تعالى ذكرُه: ﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩)﴾.

قال أبو جعفرٍ: أما قولُه: ﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾. فإنه يعنى: وفى الذى فعَلْنا بكم مِن إنجائِنا كم (٤) مما كنتم فيه مِن عذابِ آلِ فرعونَ إياكم -على


(١) سقط من: ص، ر، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) سقط من: م.
(٣) فى الأصل: "إذا".
(٤) فى ر، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "إنجائنا إياكم".