للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: هي الريحُ إذا أثارَت سحابًا. قالُوا: ﴿هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾. فقال نبيُّهم: بل ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (٢٥)﴾.

وقولُه: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾. يقولُ تعالى ذكره: تُخَرِّبُ كُلَّ شيءٍ، وتَرْمى بعضَه على بعضٍ فتُهْلِكُه، كما قال جريرٌ (٢):

وكان لكم كَبكْرِ ثَمُودَ لمَّا … رغا ظُهْرًا فَدَمَّرَهُمْ دَمارا

يعنى بقولِه: دمَّرهم: ألقَى بعضهم على بعضٍ صَرْعَى هَلْكَى.

وإنما عَنَى بقوله: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾، مما أُرسِلَتْ بهلاكِه؛ لأنها لم تدمِّرْ هودًا ومَن كان آمَن به.

حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: ثنا طَلْقٌ، عن زائدةَ، عن الأعمشِ، عن المنهالِ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: ما أرسَل اللهُ على عادٍ مِن الريحِ إلا قدْرَ خاتَمى هذا. فنزع خاتمَه (٣).

وقولُه: ﴿فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾. يقولُ: فأصبَح قومُ هودٍ وقد هلَكوا وفَنَوْا، فلا يُرَى في بلادِهم شيءٌ إلا مساكنُهم التي كانوا يسكُنونها.

واختلفَت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾؛ فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ: (لا ترى إلَّا مَساكنَهم) بالتاءِ نصبًا (٤). بمعنى: فأصبَحوا


(١) عزاه الحافظ في الفتح ٨/ ٥٧٨ إلى المصنف.
(٢) البيت للفرزدق، كما تقدم في ١٤/ ٥٣٣.
(٣) أخرجه الحاكم ٢/ ٤٥٥ من طريق الأعمش به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٤٤ إلى عبد بن حميد.
(٤) هي قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وأبي عمرو والكسائي. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٥٩٨.