للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُصيبُهم يومَ القيامةِ من قُبحِ حالِهم، ووَحْشَةِ قيامِهم مِن قُبورِهم، وسوءِ ما حَلَّ بهم، مِن أجلِ أنهم كانوا في الدنيا يَكْذبون فيَفْتَرون ويقُولون: ﴿إِنَّمَا الْبَيْعُ﴾ الذي أحَلَّه اللهُ لعباده ﴿مِثْلُ الرِّبَا﴾. وذلك أنّ الذين كانوا يأكلونَ الرِّبا مِن أَهلِ الجاهليةِ، كان إذا حَلَّ مالُ أحدِهم على غَريمهِ يقولُ الغريمُ لصاحبِ (١) الحقِّ: زِدْنى في الأجلِ وأزيدَك في مالِكَ. فكان يُقالُ لهُما إذا فَعلَا ذلك: هذا ربًا لا يَحِلُّ. فإذا قِيلَ لهما ذلك قالَا: سواءٌ علينا زِدْنا في أوَّل البيع أو عندَ مِحلِّ المالِ. فكذَّبَهم اللهُ في قِيلِهم، فقال جلّ ثناؤُه: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٧٥)﴾.

يعْنى [بقولِه: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾: وأحلَّ] (٢) الأرْباحَ في التجارةِ والشراءِ والبيعِ، ﴿وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾، يَعنى الزِّيادَةَ التي يُزادُها ربُّ المالِ بسببِ زيادَتِه غريمَه في الأجلِ وتأخيرِه دَيْنَه عليه. يقولُ تعالى ذكرُه: فليست الزيادتان اللتان إحْداهما من وَجْهِ البيعِ والأخْرَى مِن وَجهِ تأخيرِ المالِ والزِّيادةِ في الأجلِ، سواءً، وذلكَ أَنَّي حرَّمت إحدَى الزيادتينِ - وهى التي مِن وَجْهِ تأخيرِ المالِ والزِّيادةِ في الأجلِ - وأحْلَلتُ الأخرَى منهما - وهى التي مِن وَجْهِ الزيادةِ على رأسِ المالِ الذي ابتاع به البائعُ سِلْعَتَه التي يَبيعُها فيسْتفْضِلُ فضْلَها - فقال اللهُ جلّ ثناؤه لهم (٣): ليست الزيادةُ من وجْهِ البيعِ نظيرَ الزِّيادةِ مِن وجهِ الرِّبا؛ لأنِّى أحْلَلْتُ البيعَ وحَرَّمتُ الرِّبا،


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لغريم".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "جل ثناؤه وأحل الله".
(٣) زيادة من: الأصل.