للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُجَجَ اللَّهِ وأعلامَه، فيُكَذِّبون بها مِن أهلِ الكتابَين؛ التوارةِ والإنجيلِ.

كما حدَّثني ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن محمدِ بن جعفرِ بن الزُّبيرٍ، قال: ثم جمَع أهلَ الكتابَين جميعًا، وذكَر ما أحدَثوا وابتَدَعوا، مِن اليهودِ والنصارَى، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾. إلى قولِه: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ (١) [آل عمران: ٢٦].

وأما قولُه: ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾. فإنه يَعنى بذلك أنهم كانوا يَقْتُلُون رُسُلَ اللَّهِ الذين كانوا يُرْسَلون إليهم بالنَهْى عما يَأْتون مِن معاصِى اللَّهِ، وركوبِ ما كانوا يَرْكَبونه مِن الأمورِ التي قد تَقَدَّم اللهُ إليهم في كتبِهم بالزَّجْرِ عنها، نحوَ زكريا وابنِه يحيى وما أشبَهَهما مِن أنبياءِ اللَّهِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ﴾.

اختَلفت القَرَأَةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأه عامَّةُ أهلِ المدينةِ والحجازِ والبصرةِ والكوفةِ وسائرُ قرأةِ الأمصارِ: ﴿وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ﴾. بمْعنى القتلِ.

وقرَأه بعضُ المُتأخِّرين مِن قرأةِ الكوفةِ: (وَيُقَاتِلُونَ) (٢). بمعنى القتالِ، تأوُّلًا منه قراءةَ عبدِ اللهِ بن مسعودٍ، وادَّعى أن ذلك في مصحفِ عبدِ اللَّهِ: (وقاتَلوا) (٣)، فقَرَأَ الذي وصَفنا أمرَه مِن القرأةِ بذلك التأويلِ: (ويُقَاتِلُونَ).


(١) سيرة ابن هشام (١/ ٥٧٨).
(٢) هي قراءة حمزة، وقرأ الباقون بالوجه الأول. السبعة لابن مجاهد ص ٢٠٣.
(٣) المصاحف لابن أبي داود ص ٥٩ وهى قراءة شاذة لم يقرأ بها أحد من القراء العشرة.