للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عامرٍ، إلى عمرَ، وهذا عن زافرٍ إلى زُفرَ، وأنشَد بعضُهم في ذلك (١):

ولقد قتَلتُكمُ ثُناءَ وَمَوْحَدًا … وتركتُ مُرَّةَ مثلَ أمسِ المُدْبِرِ

وقال آخرُ منهم: لم يصرفْ ذلك؛ لأنه يوهَمُ به الثلاثةُ والأربعةُ. قال: وهذا لا يُستعملُ إلا في حال العددِ. وقال بعضُ نحويِّى الكوفةِ: هنَّ مصروفاتٌ عن المعارفِ؛ لأن الألفَ واللامَ لا تدخلُها، والإضافةُ لا تدخُلُها. قال: ولو دخَلتْها الإضافةُ والألفُ واللامُ، لكانت نكرةً، وهى ترجمةٌ (٢) عن النكرةِ (٣). قال: وكذلك ما كان في القرآنِ، بمثلِه (٤): ﴿أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى﴾. [سبأ: ٤٦]. وكذلك وُحادَ وأُحادَ، وما أشبَهه من مصروفِ العددِ.

وقوله: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾. وذلك زيادتُه في خلقِ هذا المَلكِ من الأجنحةِ على الآخرِ ما يشاءُ، ونقصانُه [ذلك من هذا] (٥) الآخرِ ما أحبَّ، وكذلك ذلك في جميعِ خلقِه، يزيدُ ما يشاءُ في خَلقِ ما شاء منه، ويَنقُصُ ما شاء من خَلقِ ما شاء، له الخلقُ والأمرُ، وله القدرةُ والسلطانُ. ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. يقولُ: إن الله تعالى ذكرُه قديرٌ على زيادةِ ما شاء من ذلك فيما شاء، ونقصانِ ما شاء منه ممن شاء، وغير ذلك من الأشياء كلِّها، لا يمتنِعُ عليه فعلُ شيءٍ أراده .

القولُ في تأويلِ قوله جلَّ ثناؤه: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢)﴾.


(١) تقدم في ٦/ ٣٧٢.
(٢) في ق، ت ١: "مترجمة".
(٣) في ق، ت ١: "الأجنحة".
(٤) في م، ت ٢: "مثل".
(٥) في م، ت ٢: "وعن"، وفي ت ١: "ذلك من".