للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى هذه الآيةِ الدلالةُ الواضحةُ على النهيِ عن مجالسةِ أهلِ الباطلِ مِن كلِّ نوعٍ؛ مِن المبتدعةِ والفسقةِ، عند خوضِهم في باطلِهم.

وبنحوِ ذلك كان جماعةٌ مِن [الأئمةِ الماضين] (١) يقولون، تأوُّلًا منهم هذه الآيةَ، أنه مُرادٌ بها النَّهى عن مُشاهدةِ كلِّ باطلٍ عندَ خَوْضِ أهلِه فيه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا يزيدُ بن هارونَ، عن العَوَّامِ بن حَوْشَبٍ، عن إبراهيمَ التَّيْمِيِّ، عن أبي وائلٍ، قال: إن الرجلَ ليَتكلَّم بالكلمةِ في المجلسِ مِن الكذبِ ليُضْحِكَ بها (٢) جُلساءَه (٣)، فيَسْخَطُ اللَّهُ عليهم. قال: فذَكَرْت ذلك لإبراهيمَ النَّخَعِيِّ، فقال: صدَق أبو وائلٍ، أو ليس ذلك في كتابِ اللهِ: ﴿أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ﴾ (٤).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بن إدريسَ، عن العلاءِ بن مِنْهال، عن هشامِ بن عُرُوةَ، قال: أخذ عمرُ بنُ عبدِ العزيز قومًا على شرابٍ، فضرَبهم وفيهم صائمٌ، فقالوا: إن هذا صائمٌ. فتلا: ﴿فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ


(١) في م: "الأمة الماضية".
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) في ص، ت ١، س: "جلساؤه".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم ٤/ ١٠٩٣ (٦١٢٦) مِن طريق يزيد بن هارون به، وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (٧٠٥ - تفسير) من طريق أبي وائل به دون قوله: "فذكرت ذلك لإبراهيم .... إلخ. والأثر عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٣٥ إلى ابن المنذر.
وأثر إبراهيم أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٧٠٤ - تفسير)، من طريق عبيد المُكْتِب عن إبراهيم به بنحوه.