للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَزْمِ﴾ على القيامِ بأمرِ اللهِ، والانتهاءِ إلى طاعتِه، من رسلِه الذين لم يَنْهَهم عن النفوذِ لأمرِه ما نالهم فيه من شدَّةٍ.

وقيل: إن أُولى العزم منهم كانوا الذين امتُحِنوا في ذاتِ اللهِ في الدنيا بالمحنِ، فلم تَزِدْهم المحنُ إلا جِدًّا في أمرِ اللهِ، كنوحٍ وإبراهيمَ وموسى ومن أشبَهَهم.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: ثنى ثوابةُ بنُ مسعودٍ، عن عطاءٍ الخراسانيِّ أنه قال: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾: نوحٌ وإبراهيمُ وموسى وعيسى ومحمدٌ صلَّى اللهُ عليهم وسلَّم.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾: كنا نحدَّثُ أن إبراهيمَ كان منهم (١).

وكان ابن زيدٍ يقولُ في ذلك ما حدَّثني به يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾. قال: كلُّ الرسلِ كانوا أولى عزمٍ، لم يَتَّخِذِ اللهُ رسولًا إلا كان ذا عزمٍ، فاصبِرْ كما صبَروا.

حدَّثنا ابن سنانٍ القزازُ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ رجاءٍ، قال: ثنا إسرائيلُ، عن سالمٍ، عن سعيدِ بن جبيرٍ في قولِه: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾. قال: سمَّاه اللهُ من شدتِه العزمَ.

وقولُه: ﴿وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ﴾. يقولُ: ولا تَسْتَعْجِلُ عليهم العذابَ. يقولُ:


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢١٩ عن معمر عن قتادةَ بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٤٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.