للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أباحَ اللهُ لها الافتداءَ في كتابِنا "كتابِ اللطيفِ"، فكَرِهْنا إعادتَه في هذا الموضعِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩)﴾.

يَعنِي تعالى ذكرُه بذلك: تلك معالمُ فُصولِه بينَ ما أحلَّ لكم وما (١) حرَّم عليكم أيُّها الناسُ، فلا تَعْتَدُوا ما أحلَّ لكم من الأمورِ التي بَيَّنها وفَصَّلَها لكم من الحلالِ (٢)، إلى ما حرَّم عليكم، فتُجاوِزُوا طاعتَه إلى معصيتِه.

وإنما عَنَى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ﴾: هذه الأشياءُ التي بَيَّنْتُ لكم في هذه الآياتِ التي مضَتْ؛ مِن نكاحِ المشركاتِ * الوَثَنِيّاتِ، وإنكاحِ المشركِين المسلماتِ، وإتيانِ النساءِ في المَحِيضِ، وما قد بَيَّنَ في الآياتِ الماضيةِ قبلَ قوله: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ﴾ مما أحلَّ لعبادِه وحرَّم عليهم، وما أمَر ونهَى. ثم قال لهم: هذه الأشياءُ التي بيَّنتُ لكم حلالَها مِن حرامِها حدودِي. يَعْنى به معالمَ فصولِ ما بينَ طاعتي ومعصيتي، ﴿فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾. يقولُ: فلا تَتجاوَزُوا ما أَحْلَلْتُه لكم إلى ما حرَّمْتُه عليكم، ولا ما أمَرْتُكم به إلى ما نَهَيْتُكم عنه، ولا طاعتي إلى معصيتي، فإن مَن تَعَدَّى ذلك - يَعنِي مَن تَخَطّاه وتَجاوزَه إلى ما حرَّمْتُه عليه أو نَهَيْتُه - فإنه هو الظالمُ، وهو الذي فعَل ما ليس له فِعْلُه، ووضَع الشيْءَ في غيرِ مَوْضِعِه.

وقد دَلَّلْنا فيما مضَى على معنى الظلمٍ وأصلِه بشواهدِه الدالةِ على معناه،


(١) زيادة من: م.
(٢) في ص، ت ١، ت ٣: "الحرام"، وفي ت ٢: "الجرم".
* إلى هنا ينتهي الخرم المشار إليه في ص ١٥٧.