للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ فى تأويلِ قولِه تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨١)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: قُلْ يُحْيِيها الذى أنشَأها أوَّلَ مرةٍ، ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا﴾. يقولُ: الذى أخرَج (١) لكم مِن الشجرِ الأخضرِ نارًا تُحْرِقُ الشجرَ، لا يمتنعُ عليه فعلُ ما أرادَ، ولا يعجِزُ عن إحياءِ العظامِ التى قد رَمَّت، وإعادتِها بَشَرًا سويًّا وخلقًا جديدًا، كما بدَأها أوَّلَ مرةٍ.

وبنحوِ الذى قلنا فى ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا﴾. يقولُ: الذى أخرَج هذه النارَ مِن هذا الشجرِ الأخضرِ (٢) قادرٌ أن يبعثَه (٣).

قولُه: ﴿فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾. يقولُ: فإذا أنتم مِن الشجرِ توقِدون النارَ.

وقال: ﴿مِنْهُ﴾ و "الهاءُ" مِن ذكرِ الشجرِ، ولم يَقُلْ: "منها". والشجرُ جمعُ شجرةٍ؛ لأنه خُرِّج (٤) مخرجَ الثمرِ والحصَى، ولو قيل: "منها". كان صوابًا


(١) فى الأصل: "جعل".
(٢) سقط من: م، ت ١.
(٣) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٧٠ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبى حاتم.
(٤) بعده فى الأصل: "منها".