للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: واذْكُرْ يا محمدُ ذا النونِ. يعنى: صاحبَ النونِ. والنونُ: الحوتُ، وإنما عَنَى بذى النونِ يونُسَ بنَ مَتَّى. وقد ذكَرْنا قصتَه في سورةِ "يونُسَ" بما أغْنَى عن ذكرِه في هذا الموضعِ (١).

وقولُه: ﴿إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا﴾. يقولُ: حينَ ذهَب مُغاضِبًا.

واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في معنى ذَهَابِه مُغاضِبًا، وعمَّن كان ذهابُه، وعلى مَن كان غضبُه؛ فقال بعضُهم: كان ذهابُه عن قومِه، وإياهم غاضَب.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا﴾، يقولُ: غضِب على قومِه (٢).

حُدِّثتُ عن الحسين، قال: سمِعْتُ أبا مُعاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قال: سَمِعْتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا﴾: [أما غضبُه، فكان] (٣) على قومِه (٤).

وقال آخرون: ذهَب عن قومِه مُغاضِبًا لربِّه، إذ كشَف عنهم العذابَ بعدَ ما وعَدهموه.


(١) ينظر ما تقدم في ١٢/ ٢٩١ - ٢٩٧.
(٢) أخرجه البيهقى في الأسماء والصفات (١٠٧٧) من طريق محمد بن سعد به.
(٣) في ت ٢: "يقول غضب".
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٣٣ إلى المصنف وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.