للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ [الأنبياء: ٢]، وهم مشرِكو قريشٍ: أنتم أيُّها المشرِكون وما تَعْبُدون مِن دونِ اللَّهِ وارِدو جَهَنَّمَ، ولو كان ما تَعْبُدون من دونِ اللَّهِ آلهةً ما وَرَدُوها، بل كانت تَمْنَعُ من أراد أن يُورِدَكُمُوها؛ إذ كنتم لها في الدنيا عابدين، ولكنها إذ كانت لا نَفْعَ عندها لأنفُسِها، ولا عندَها دفعُ ضرٍّ عنها، فهى مِن أن يكونَ ذلك عندَها لغيرِها أبعدُ، ومَن كان كذلك كان بَيِّنًا بُعْدُه مِن الأُلوهَةِ، وأنَّ الإلهَ هو الذي يَقْدِرُ على ما يشاء، ولا يَقْدِرُ عليه شيءٌ، فأمَّا من كان مَقْدُورًا عليه، فغيرُ جائزٍ أن يكونَ إلهًا.

وقوله: ﴿وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ﴾. يعنى الآلهة ومَن عبَدها، أنَّهم ماكِثون في النارِ أبدًا بغير نهايةٍ. وإنَّما معنَى الكلامِ: كلُّكم فيها خالِدُون.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ﴾. قال: الآلهةُ التي عبَد القومُ. قال: العابدُ والمَعْبودُ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (١٠٠) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)﴾.

يعنى تعالى ذِكرُه بقولِه: ﴿لَهُمْ﴾. المشرِكين وآلهتَهم.

والهاءُ والميمُ في قولِه: ﴿لَهُمْ﴾. من ذِكرِ ﴿وَكُلٌّ﴾ التي في قولِه: ﴿وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ﴾. يقولُ تعالى ذِكرُه: لِكُلِّهم في جَهَنَّمَ زفيرٌ، ﴿وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ﴾. يقولُ: وهم في النارِ لا يَسْمَعون.

وكان ابن مسعودٍ يتأوَّلُ في قولِه: ﴿وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ﴾. ما حدَّثنا