للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُعاقبوهم (١) بظلمِهم، لا على مَن انتَصَر ممن ظلَمَه وأخَذ منه حقَّه.

وقوله: ﴿وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾. يقولُ: ويتَجاوَزون في أرضِ اللهِ الحدَّ الذي أباح لهم ربُّهم إلى ما لم يَأْذَنْ لهم فيه، فيُفْسِدون فيها بغير الحقِّ، ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. يقولُ: فهؤلاء الذين يَظْلِمون الناسَ ويَبْغُون في الأرض بغير الحقِّ، لهم عذابٌ مِن اللهِ يومَ القيامةِ في جهنمَ مُؤْلِمٌ مُوجعٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣) وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (٤٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ولمن صبَر على إساءةِ مَن أساء إليه، وغفَر للمسيءِ إليه جُرْمَه إليه، فلم يَنْتَصِر منه، وهو على الانتصارِ منه قادرٌ، ابتغاءَ وجهِ اللهِ وجزيلِ ثوابِه، ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾. يقولُ: إن صبرَه ذلك وغفرانَه ذنبَ المسيءِ إليه ﴿لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾. [يقولُ: لَمن الأمورِ] (٢) التي ندَب إليها عبادَه، وعزَم عليهم العملَ بها (٣).

﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ﴾. يقولُ جل ثناؤه: ومَن خذَله اللهُ عن الرَّشادِ، فليس له مِن وليٍّ يَلِيه، فيَهْدِيَه لسبيلِ الصوابِ، ويُسَدِّدَه لها (٤) من بعدِ إضلالِ اللهِ إياه، ﴿وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : وتَرَى الكافرين بالله يا محمدُ يومَ القيامة لمّا عايَنوا عذابَ اللهِ يقولون لربِّهم: هَلْ لنا يا ربُّ إلى مرَدٍّ [إلى الدنيا] (٢) مِنْ سبيلٍ؟ وذلك كقولِه:


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يعاقبوهم".
(٢) سقط من: ص، م، ت ٢، ت ٢، ت ٣.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "به".
(٤) سقط من: ص، م، ت ٢، ت ٢، ت ٣.