للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتْلُو على قومِه نبأَه، أو بمعنى اسم اللهِ الأعظم، أو بمعنى النبوةِ - فغيرُ جائزٍ أن يكونَ مَعْنِيًّا به أميةُ؛ لأنَّ أميةً لا تَخْتَلِفُ الأمةُ في أنه لم يَكُنْ أُوتِيَ شيئًا من ذلك، ولا خبرَ بأيِّ ذلك المرادُ، وأيِّ الرجلين المعنيُّ، يُوجِبُ الحجةَ، ولا في العقل دلالةٌ على أن ذلك المعنيُّ به مِن أيٍّ.

فالصوابُ أنْ يُقال فيه ما قال الله، ويُقَرَّ بظاهر التنزيل على ما جاء به الوحى من الله.

وأما قولُه: ﴿فَانْسَلَخَ مِنْهَا﴾. فإنه يعنى: خرَج من الآياتِ التي كان الله آتاها إيّاه، فتبرَّأ منها.

وبنحو ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبد الله بن صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباس، قال: لما نزل موسى يعنى بالجبارين - ومن معه، أتاه - يعنى بَلْعَمَ (١) - بنو عمِّه وقومُه: فقالوا: إن موسى رجلٌ حديدٌ، ومعه جنودٌ كثيرةٌ، وإنه إن يَظْهَرْ علينا يُهْلِكُنا، فادْعُ الله أَن يَرُدَّ عنا موسى ومن معه. قال: إني إن دعوتُ الله أن يَرُدَّ موسى ومن معه ذهَبَتْ دنياي وآخِرَتى. فلم يزالوا به حتى دعا عليهم، فسلَخَه اللهُ مما كان عليه، فذلك قوله: ﴿فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ (٢).

حدَّثني محمد بن سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن


(١) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "أتاه".
(٢) تقدم تخريجه ص ٥٦٨.