للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالصفتَيْن اللتين وصَف، وبعدَ تَصْنيفِه كلَّ صنفٍ منهما على ما صنَّف الكفارَ - جنسين، فجعَل أحدَهما مطبوعًا على قلبِه، مختومًا عليه، مأْيوسًا مِن إيمانِه، والآخرَ منافقًا يُرائي بإظهارِ الإيمانِ في الظاهرِ، ويَسْتَسِرُّ النفاقَ في الباطنِ، فصيَّر الكفارَ جنسين، كما صيَّر المؤمنين في أولِ السورةِ جنسين، ثم عرَّف عبادَه نعتَ كلِّ صنفٍ منهم وصفتَهم، وما أعدَّ لكلِّ فريقٍ منهم مِن ثوابٍ أو عقابٍ، وذمَّ أهلَ الذمِّ منهم، وشكَر سعْيَ أهلِ الطاعةِ منهم.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾.

وإقامتُها أداؤُها بحدودِها وفروضِها والواجبِ فيها، على مَن فُرِضَت عليه، كما يقالُ: أقام القومُ سُوقَهم. إذا لم يُعَطِّلوها مِن البيعِ والشراءِ فيها. وكما قال الشاعرُ (١):

أقَمْنا لأهلِ العراقَيْن (٢) سُوقَ الضِّـ … ــرابِ فخاموا (٣) وولَّوْا جميعَا

وكما حدَّثنا محمدُ بنُ حُميدٍ، قال: حدَّثنا سلمةُ بنُ الفضلِ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن محمدِ بنِ أبي محمدٍ مولى زيدِ بنِ ثابتٍ، عن عكرمةَ، أو عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾. قال: الذين يقيمون الصلاةَ بفَرضِها (٤).


(١) المحرر الوجيز ١/ ١٤٦.
(٢) العراقين: البصرة والكوفة.
(٣) في ص: "فجأمرا"، وفي م: "خاسوا".
وخاموا في الحرب: جبنوا. اللسان (خ ي م).
(٤) في ص، م: "بفروضها".
والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٧٤ (٧٤) من طريق سلمة بن الفضل به.