للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول في تأويلِ قولِه: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: إن اللَّهَ جَلَّ ثناؤُه ابْتَاعَ مِن المؤمنين أنفسَهم وأموالَهم بالجنةِ، ﴿وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا﴾. يقولُ: وَعَدَهم الجنةَ، جلَّ ثناؤُه، وعدًا عليه حقًّا أن يُوفِيَ لهم به، في كتبِه المنزَّلَةِ؛ التوراةِ والإنجيلِ والقرآنِ، إذا هم وَفُوا بما عاهَدوا اللَّهَ، فقاتَلوا في سبيلِه ونُصْرةِ دينِه أعداءَه، فقَتَلوا وقُتِلوا، ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ﴾. يقولُ جلّ ثناؤُه: ومَن أحسنُ وفاءً بما ضَمِنَ وشَرَطُ مِن اللَّهِ، ﴿فَاسْتَبْشِرُوا﴾. يقولُ ذلك للمؤمنين: فاسْتَبْشِروا، أيُّها المؤمنون، الذين صَدَقوا الله فيما عاهَدوا ﴿بِبَيْعِكُمُ﴾ أنفسَكم وأموالَكم بالذي (١) بِعْتُموها مِن ربِّكم (٢)، فإن ذلك هو الفوزُ العظيمُ.

كما حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا يعقوبُ، عن حفصِ بن حميدٍ، عن شِمْرِ بن عطيةَ، قال: ما مِن مسلمٍ إلا وللَّهِ في عنقِه بَيْعةٌ، وَفَى بها أو مات عليها، في قولِ اللَّهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ


(١) في ص، ت ١، ت، ٢، ف: "الذي".
(٢) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "به".