للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾ [الحشر: ١٢]. فجاء بـ "لا"، وبـ "اللام" جوابًا للامِ الأولى. قال: ولو قال: لئن قُمْتَ إني لَقائمٌ. لجاز، ولا حاجةَ به إلى العائدِ؛ لأن الجوابَ في اليمينِ قد يكونُ فيه العائدُ وقد لا يكونُ، ألا ترَى أنك تقولُ: لكن قمتَ لأقُومَنَّ، و لا أقومُ، و: إني لَقائمٌ. فلا تَأْتى بعائدٍ. قال: وأما قولُهم: مررْتُ بدار الذراعُ بدرهمٍ، و: ببُرٍّ قَفِيرٌ بدرهمٍ، فلابد مِن أن يَتَّصِلَ بالأولِ (١) بالعائدِ، وإنما يُحْذَفُ (٢) العائدُ فيه؛ لأن الثانيَ تبعيضٌ للأولِ؛ مرَرْتُ ببُرٍّ بعضٌ (٣) بدرهمٍ و: بعضُه، بدرهمٍ، فلما كان المعنيُّ التبعيضَ حذَف العائدَ. قال: وأما ابتداءُ "إنّ" في كلِّ موضعٍ إذا طال الكلامُ، فلا يَجوزُ أَن يُبْتَدأَ [إلا لمعنى] (٤): ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ﴾، فإنه جوابٌ للجزاءِ، كأنه قال: ما فرَرْتُم منه من الموتِ فهو مُلاقِيكم.

وهذا القولُ الثاني عندى أولى بالصوابِ في ذلك، للعلل التي قد ذكَرْناها.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (٤٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وتَرَى يا محمد الظالمين يُعْرَضون على النارِ، ﴿خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ﴾. يقولُ: حَاضِعِين مُتَذَلِّلين.

كما حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: الخشوعُ:


(١) في ت ٢، ت ٣: "الأول".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يخاف".
(٣) في م: "بعضه".
(٤) في ص، م، ت ١: "إن بمعنى"، وفى ت ٢، ت ٣: "إلا بمعنى".