للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ﴾: عامةُ الناسِ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (١٧) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فكان عُقْبى أمرِ الشيطانِ والإنسانِ الذي أطاعه، فكفَر باللَّهِ، أَنَّهما خالدان في النارِ، ماكثان فيها أبدًا، ﴿وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴾. يقولُ: وذلك ثوابُ اليهودِ مِن النضيرِ، والمنافقين الذين وعَدُوهم النصرةَ، وكلِّ كافرٍ باللَّهِ، ظالمٍ لنفسِه على كفرِه به، أنهم في النارِ مُخَلَّدون.

واختلَف أهلُ العربيةِ في وجْهِ نصبِ قولِه: ﴿خَالِدَيْنِ فِيهَا﴾؛ فقال بعضُ نحويِّي البصرةِ: نُصِب على الحالِ، و ﴿فِي النَّارِ﴾: الخبرُ، قال: ولو كان في الكلامِ لكان الرفعُ أجودَ في ﴿خَالِدَيْنِ﴾. قال: وليس قولُهم: إذا جئتَ مرَّتين. فهو نصبٌ لشيءٍ، إنما فيها توكيدٌ، جئتَ بها أو لم تَجِئْ بها، فهو سواءٌ، إلا أنَّ العربَ كثيرًا ما تَجْعَلُه حالًا إذا كان فيها للتوكيدِ وما أشبهه في غيرِ مكانٍ، قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [البينة: ٦]. وقال بعضُ نحويِّي الكوفةِ (٢): في قراءةِ عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ: (فَكَانَ عاقِبَتُهُمَا أَنَّهُمَا (٣) خَالِدَان (٤) [فِي النَّارِ)] (٥). قال: وفي ﴿أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ


(١) تفسير مجاهد ص ٦٥٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٠١ إلى عبد بن حميد.
(٢) معاني القرآن للفراء ٣/ ١٤٦.
(٣) بعد في م، ت ٢: "في النار".
(٤) في النسخ: "خالدين". والمثبت من معاني القرآن ٣/ ١٤٦، وينظر البحر المحيط ٨/ ٢٥٠.
(٥) في ت ٢: "فيها". وقراءة ابن مسعود شاذة لمخالفتها رسم المصحف.