للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيئًا فيردَّه إذا قضاه. من قولِ القائلِ: ملَكتُ على فلانٍ أمرَه. إذا صار لا يقدِرُ أن ينفِّذَ أمرًا إلا به.

وقولُه: ﴿إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾. يقولُ: من ذا الذي يقدِرُ أن يردُّ من أمرِ اللهِ شيئًا إن شاء أن يُهْلِكَ المسيحَ ابنَ مريمَ، بإعدامِه من الأرضِ وإعدامِ أمِّه مريمَ وإعدامِ جميعِ مَن في الأرضِ من الخلقِ جميعًا. يقولُ جلَّ ثناؤُه لنبيِّه محمدٍ : قل لهؤلاء الجَهَلةِ من النصارى: لو كان المسيحُ كما يزعمون أنه هو اللهُ - وليس كذلك - لقدَر أن يرُدَّ أَمرَ اللهِ إذا جاءه بإهلاكه و (١) إهلاكِ أمِّه، وقد أَهْلَك أمَّه فلم يقدِرْ على دفعِ أمرِه فيها إذ نزَل ذلك. ففى ذلك لكم مُعْتَبَرٌ إِن اعْتَبرتُم، وحجةٌ عليكم إن عقَلتم، في أن المسيحَ بشرٌ كسائرِ بنى آدمَ، وأن الله ﷿ هو الذي لا يُغْلَبُ ولا يُقْهَرُ ولا يُرَدُّ له أمرٌ، بل هو الحيُّ الدائمُ القيُّومُ الذي يُحيى ويميتُ، ويُنْشِئُ ويُفْنى، وهو حيٌّ لا يموتُ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾.

يعنى بذلك: واللهُ له تصريفُ ما في السماواتِ والأرضِ، ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا﴾. يعنى: وما بينَ السماءِ والأرضِ. يُهْلِكُ ما (٢) يشاء من ذلك، ويُبْقِى ما يشاءُ منه، ويُوجِدُ ما أراد، ويُعْدِمُ ما أحبَّ، لا يمنَعُه من شيءٍ أراد من ذلك مانعٌ، ولا يدفَعُه عنه دافعٌ، يُنْفِذُ فيهم حُكمَه، ويُمْضِى فيهم قضاءَه - لا المسيحُ الذي إن أراد إهلاكَه ربُّه، وإهلاكَ أمِّه، لم يمِلكْ دفعَ ما أراد به ربُّه من ذلك.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت، س: "أو".
(٢) في م: "من".