للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (١١) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وكثيرًا قصَمْنا من قريةٍ، والقَصْمُ أصلُه الكَسْرُ، يُقالُ منه: قصَمْتُ ظَهْرَ فلانٍ. إذا كَسَرْتَه، وانْقَصَمتْ سِنُّه. إذا انْكَسرت. وهو هلهُنا معنيٌّ به: أهْلَكْنا، وكذلك تأوَّله أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ﴾. قال: أهْلَكَنا (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ﴾. قال: أهلَكْناها. قال ابن جُرَيجٍ: ﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ﴾، قال: باليمنِ، قصَمْنا بالسيفِ: أُهلِكُوا.

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ﴾. قال: قصَمها: أهلَكَها.

وقولُه: ﴿مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً﴾ أُجْرِى الكلامُ على القريةِ، والمرَادُ به (٢) أهلُها؛ لمعرفةِ السَّامِعين بمعناه، وكأنَّ ظُلمَها كُفْرُها باللهِ، وتكذيبُها رسُلَه.

وقوله ﴿وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾. يقولُ تعالى ذِكرُه: وأحْدَثنا بعدما أهْلَكنا هؤلاء الظَّلَمةَ مِن أهلِ هذه القريةِ التي قَصَمْناها بظُلْمِها، قومًا


(١) تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.
(٢) في م: "بها".