للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدنيا ﴿كَانُوا يُؤْفَكُونَ﴾. يقولُ: كَذَبوا في قيلِهم وقَسَمِهم: ما لَبِثْنا غيرَ ساعةٍ.

كما كانوا في الدنيا يَكْذِبون ويَحْلِفون على الكذبِ وهم يعلَمون.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ﴾. أي: يكذِبون في الدنيا. وإنما يعنى بقولِه: ﴿يُؤْفَكُونَ﴾: عن الصدقِ، ويُصَدُّون عنه إلى الكذبِ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٥٦)﴾.

كان قتادةُ يقولُ: هذا مِن المُقَدَّمِ الذي معناه التأخيرُ.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ﴾. قال: هذا مِن مَقاديمِ الكلامِ، وتأويلُها: وقال الذين أُوتوا الإيمانَ والعلمَ: ﴿لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ (٢).

وذُكر عن ابن جُرَيجٍ أنه كان يقولُ: معنى ذلك: وقال الذين أوتُوا العلمَ بكتابِ الله، والإيمانَ بالله وكتابهِ.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٥٨ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) ينظر تفسير البغوي ٦/ ٢٧٨، والقرطبي ١٤/ ٤٨. والكلام فيهما على غير ما ذكر المصنف إذ فيهما: وفي الكلام تقديم وتأخير؛ أي: وقال الذين أوتوا العلم في كتاب الله والإيمان لقد لبثتم.