للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأولى التأويلين في ذلك عندَنا بالحقِّ تأويلُ من قال: أَغْرَى بينَهم بالأهواءِ التي حدَثت بينَهم. كما قال إبراهيمُ النَّخَعيُّ؛ لأن عداوةَ النصارى بينَهم إنما هي باختلافِهم في قولِهم في المسيحِ، وذلك أهواءٌ لا وحىٌ من اللهِ.

واخْتَلف أهلُ التأويلِ في المعنيِّ بالهاءِ والميمِ اللتين في قولِه: ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ﴾؛ فقال بعضُهم: عنَى بذلك اليهودَ والنصارى. فمعنى الكلامِ على قولِهم وتأويلِهم: فأَغْرَينا بينَ اليهودِ والنصارى لنسيانِهم حظًّا مما ذُكِّروا به.

ذكرُ من قال ذلك

حدثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مفضَّلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ: وقال في (١) النصارى أيضًا: ﴿فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ فلما فعَلوا ذلك أَغْرَى اللهُ ﷿ بينَهم وبينَ اليهودِ العداوةَ والبغضاءَ إلى يومِ القيامةِ (٢).

حدثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ في قولِه: ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾. قال: هم اليهودُ والنصارى. قال ابن زيدٍ: كما تُغْرِى (٣) بينَ اثنين من البهائمِ.

حدثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللهِ: ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾. قال: اليهودُ والنصارى (٤).

حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت، س.
(٢) ذكره أبو حيان في البحر المحيط ٣/ ٤٤٧ بنحوه.
(٣) في ص، ت ١، س: "يغرى".
(٤) تفسير مجاهد ص ٣٠٤.