للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا هَنَّادٌ، قال: ثنا أبو مُعاويةَ وعَبيدةُ بنُ حُميدٍ، عن الأعمشِ، عن عبدِ اللَّهِ بن مُرَّةَ، عن البَراءِ بن عازبٍ: ﴿يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا﴾. يقولون: ائْتُوا محمدًا، فإن أفْتاكم بالتَّحْميمِ والجَلْدِ فخُذُوه، وإن أفْتاكم بالرجْمِ فاحْذَروا (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾.

وهذا تَسْلِيةٌ مِن اللَّهِ تعالى ذكرُه نبيَّه محمدًا مِن حزنِه على مُسارَعةِ الذين قصَّ قصتَهم مِن اليهودِ والمنافقين في هذه الآيةِ، يقولُ له تعالى ذكرُه: لا يَحْزُنُك تَسَرُّعُهم إلى جُحودِ نبوتِك، فإنى قد حتَمْتُ عليهم أنهم لا يَتُوبون مِن ضَلالتِهم، ولا يَرْجِعون عن كفرِهم، للسابقِ مِن غضَبى عليهم، وغيرُ نافعِهم حُزْنُك على ما تَرَى مِن تسرُّعِهم إلى ما جعَلْتُه سببًا (٢) لهلاكِهم، واستحقاقِهم وَعِيدى.

ومعنى "الفتنةِ" في هذا الموضعِ الضلالةُ عن قَصْدِ السبيلِ، يقولُ تعالى ذكرُه: ومَن يُرِدِ اللهُ يا محمدُ مَرْجِعَه بضَلالتِه عن سبيلِ الهُدَى، فلن تَمْلِكَ له مِن اللهِ استِنْقاذًا ممّا أراد اللَّهُ به مِن الحِيرةِ والضَّلالةِ، فلا تُشْعِرْ نفسَك الحزْنَ على ما فاتك مِن اهتدائِه للحقِّ.

كما حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ: ﴿وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ (٣).


(١) جزء من الحديث المتقدم في ص ٤١٥، ٤١٦.
(٢) في م: "سبيلا".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٣٣ عقب الأثر (٦٣٧٠) من طريق أسباط به، ولفظ الأثر قبله: من يرد الله ضلالته.