للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُبيٍّ (١):

مَتى ما يَكُنْ مولاك خَصمُك جاهدًا … تُظَلَّمْ ويَصْرَعْك الذين تُصارِعُ

قال: فأُنزِلت فيهم هذه الآيةُ: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾.

وقولُه: ﴿وَأَقْسِطُوا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: واعْدِلوا أيُّها المؤمنون في حُكمِكم بينَ مَن حَكَمْتُم بينَهم، بأن لا تَجاوَزوا في أحكامِكم حُكمَ اللَّهِ وحُكمَ رسولِه ، ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [من خلقِه] (٢). يقولُ: إِن اللَّهَ يُحِبُّ العادلين في أحكامِهم، القائمين (٣) بينَ خلقِه بالقِسْطِ.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه لأهلِ الإيمانِ به: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ في الدينِ، ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ إذا اقتَتلا، بأن تَحْمِلوهما على حُكمِ اللَّهِ وحُكمِ رسولِه.

ومعنى الأخَوين في هذا الموضعِ: كلُّ مُقْتَتِلين من أهلِ الإيمانِ. وبالتثنيةِ قرَأ ذلك قرَأةُ الأمصارِ، وذُكِر عن ابن سيرينَ أنه قرأَه: (بينَ إخوانِكم) بالنونِ (٤)، على مذهبِ الجمعِ، وذلك من جهةِ العربيةِ صحيحٌ (٥)، غير أنه خلافٌ لِمَا عليه قرَأةُ


(١) البيت في الدر الفريد ٥/ ٩٧، وسيرة ابن هشام ١/ ٥٨٧.
(٢) ليس في: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "القاضين".
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٩١ إلى عبد بن حميد وابن المنذر، وهي قراءة زيد بن ثابت وابن مسعود، وهي قراءة شاذة. ينظر مختصر الشواذ لابن خالويه ص ١٤٤.
(٥) ينظر معاني القرآن للفراء ٣/ ٧١.