للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويل قوله جلَّ ثناؤُه: ﴿قَالَ يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ (١) أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قال موسى لأخيه هارون لمَّا فرغ من خطاب قومه ومراجَعته إيَّاهم على ما كان من خطأ فِعْلِهم: يا هارونُ أَيُّ شيءٍ منعك إذ رأيتَهم ضَلُّوا عن دينهم، فكَفَروا بالله وعَبَدوا العجل - ألا تَتَّبعَنى.

واخْتَلَف أهلُ التأويل في المعنى الذي عَذَل (٢) موسى عليه أخاه من تَرْكِه اتَّباعَه؛ فقال بعضُهم: عَذَلَه على تَرْكه السير بمَن أطاعَه في أثره على ما كان عهد إليه.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: لما قال القومُ: ﴿لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى﴾ أقام هارونُ في من معه (٣) من المسلمين ممَّن لم يَفتَتنْ، وأقام مَن يعبُدُ العجل على عبادة العجل، وتخوَّف هارونُ إن سار بمن معه من المسلمين أن يقول له موسى: فرَّقْتَ بين بنى إسرائيلَ ولم تَرْقُبْ قولى. وكان له هائبًا مُطِيعًا (٤).

وحدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ في قولِ اللهِ عزَّ


(١) في الأصل، ف: "تتبعنى". وبإثبات الياء وقفا ووصلًا قرأ ابن كثير، وقرأ بها أبو عمرو في الوصل خاصة، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي بغير ياء في وصل ولا وقف، واختلف عن نافع. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٤٢٣.
(٢) العذْل: الملامة يقال: عذله يعذله: لامه. اللسان (ع ذ ل).
(٣) في م: "تبعه".
(٤) تقدم تخريجه في ١/ ٦٧٣.