فإنما يَستقيمُ على الهُدى، ويسلُكُ قصْدَ السبيلِ لنفسِه، فإياها يَبْغى الخيرَ بفعلِه ذلك لا غيرَها، ﴿وَمَنْ ضَلَّ﴾. يقولُ: ومَن اعْوَجَّ عن الحقِّ الذى أتاه مِن عندِ اللهِ، وخالفَ دينَه، وما بعثَ به محمدًا، والكتابَ الذى أنزلَه عليه، ﴿فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾. يقولُ: فإن ضلالَه ذلك إنما يَجْنى به على نفسِه لا على غيرِها؛ لأنه لا يُؤخَذُ بذلك غيرُها، ولا يُورِدُ بضلالِه ذلك المهالكَ سوى نفسِه، ولَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخْرَى، ﴿وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾. يقولُ: وما أنا عليكم بمُسَلَّطٍ على تَقْويمِكم، إنما أمرُكم إلى اللهِ، وهو الذى يُقَوِّمُ مَن يشاءُ منكم، وإنما أنا رسولٌ مُبلِّغٌ، أُبَلِّغكم ما أُرسِلتُ به إليكم.
يقولُ تعالى ذكرُه: واتَّبِعْ يا محمدُ وحىَ اللهِ الذي يوحيه إليك، وتنزيلَه الذى يُنِزلُه عليك، فاعملْ به، واصبِرْ على ما أصابَك في اللهِ مِن مشركي قومِك مِن الأذَى والمكارِهِ، وعلى ما نالَك منهم، حتى يقضِىَ اللهُ فيهم وفيك أمرَه بفعلٍ فاصلٍ، ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾. يقولُ: وهو خيرُ القاضين وأعدَلُ الفاصِلين. فحَكَم جلّ ثناؤُه بينَه وبينَهم يومَ بدرٍ، وقَتَلَهم بالسيفِ، وأمرَ نبيَّه ﷺ فيمَن بَقِىَ منهم أن يسلُكَ بهم سبيلَ مَن أهلكَ منهم، أو يَتوبوا ويُنِيبوا إلى طاعتِه.
كما حدَّثنا يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾ [الأنعام: ١٠٧]. ﴿وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾. قال: هذا منسوخٌ، ﴿حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ﴾: حكم اللهُ بجهادِهم، وأَمَرَه