للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذِكْرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، وحدَّثنى المثنى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مُجاهدٍ في قولِ اللهِ جلَّ ثناؤه: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ﴾. قال: الطلاقُ، يُغْنى اللَّهُ كُلًّا مِن سَعَتِه (١).

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (١٣١)﴾.

قال أبو جعفرٍ: يعنى بذلك جل ثناؤه: وللَّهِ مُلْكُ جميعِ ما حَوَتْه السماواتُ السبعُ والأَرَضُونَ السبعُ مِن الأشياءِ كلِّها. وإنما ذكَر جلَّ ثناؤُه [ذلك بعَقِبِ] (٢) قولِه: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ﴾. تنبيهًا منه خلقَه على مَوْضعِ الرغبةِ عندَ فِراقِ أحدِهم زوجتَه؛ ليَفْزَعوا إليه عندَ الجَزَعِ مِن الحاجةِ والفاقةِ والوَحْشَةِ بفِراقِ سَكَنِه وزَوْجَتِه، وتَذْكيرًا منه له أنه الذي له الأشياءُ كلُّها، وأنَّ مَن كان له مُلْكُ جميعِ الأشياءِ، فغيرُ مُتَعَذَّرٍّ عليه أن يُغْنِيَه وكلَّ ذى فاقةٍ وحاجةٍ، ويُؤْنِسَ كلَّ ذى وَحْشَةٍ. ثم رجَع جل ثناؤُه إلى عَدْلِ مَن سعَى في أمرِ بنى أُبَيْرِقٍ وتَوْبيخِهم، ووَعِيدِ مَن فعَل (٣) فِعْلَ المرتدِّ منهم، فقال: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ


(١) تفسير مجاهد ص ٢٩٤، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٣٣، ٢٣٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) في م: "بعقب ذلك".
(٣) بعده في م: "ما".