للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾. قال: كانوا يَطْلُبون يومَ الجمعةِ فأَخْطَئوه، وأخَذوا يومَ السبتِ، فجعَله عليهم.

وقولُه: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن ربَّك يا محمدُ لَيَحْكُمُ بين هؤلاء المختلِفِين بينَهم في استحلالِ السبتِ وتحريمِه، عندَ مصيرِهم إليه يومَ القيامةِ، فيَقْضِي بينَهم في ذلك وفى غيرِه مما كانوا فيه يَخْتَلِفون فى الدنيا بالحقِّ، ويَفْصِلُ بالعدلِ، بمُجازاةِ المُصيبِ فيه جزاءَه، والمُخطئِ فيه منهم ما هو أهلُه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ادْعُ يا محمدُ من أرْسَلك إليه ربُّك بالدعاءِ إلى طاعتِه، ﴿إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾. يقولُ: إلى شريعةِ ربِّك التي شرَعَها لخلقِه، وهو الإسلامُ، ﴿بِالْحِكْمَةِ﴾. يقولُ: بوحيِ اللهِ الذى يُوحِيه إليك، وكتابِه الذي يُنْزِلُه عليك، ﴿وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾. يقولُ: وبالعِبَرِ الجميلةِ التي جعَلها اللهُ حُجَّةً عليهم في كتابِه، وذكَّرهم بها في تنزيلِه، كالتي عدَّد عليهم في هذه السورةِ مِن حُجَجِه، وذكَّرهم فيها ما ذكَّرهم مِن آلائِه، ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾. يقولُ: وخاصِمْهم بالخصومةِ التي هي أحسنُ من غيرِها؛ أن تَصْفَحَ عما نالوا به عِرْضَك من الأذى، ولا تَعْصِه في القيامِ بالواجبِ عليك مِن تبليغِهم رسالةَ ربِّك.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.