للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرجلُ منهم أن يقولوا: ضُرِب فلانٌ حتى بالسِّياطِ. إلى أن صار ذلك مثلًا، فاستعمَلوه في كلِّ معذَّبٍ بنوعٍ من العذابِ شديدٍ، وقالوا: صُبَّ عليه سَوطُ عذابٍ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ﴿سَوْطَ عَذَابٍ﴾. قال: ما عُذِّبوا به (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ﴾. قال: العذابُ الذي عذَّبهم به سمَّاه سوطَ عذابٍ.

وقولُه: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ: إِنَّ ربَّك يا محمدُ لهؤلاء الذين قصَصْتُ عليك قَصَصَهم، ولضُرَبائهم من أهلِ الكفرِ به، لبالمِرْصادِ يرصُدُهم بأعمالِهم في الدنيا، وفى الآخرةِ على قناطرِ جهنمَ، ليُكردِسَهم (٢) فيها إذا وَرَدوها يومَ القيامةِ.

واختلَف أهلُ التأويلِ في تأويِلِه؛ فقال بعضُهم: معنى قولهِ: ﴿لَبِالْمِرْصَادِ﴾: بحيثُ يَرى ويسمعُ.


(١) تفسير مجاهد ص ٧٢٧، ومن طريقه الفريابي - كما في تغليق التعليق ٤/ ٣٦٦ - وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٤٧ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) يكردسهم: يجمع بعضهم إلى بعض. ينظر اللسان (كردس).