للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَدْنٍ﴾. يعني: جناتُ إقامةٍ لا ظَعْنَ عنها، ولا نفادَ لها ولا فناء، ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾. يقولُ: تجرى من تحت أشجارها الأنهارُ، ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾، يقولُ: ماكثين فيها إلى غيرِ غاية محدودةٍ. فـ "الجناتُ" مِن قوله: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ مرفوعةٌ بالردِّ على "الدرجات".

كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ في قوله: ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى﴾. قال: عَدْنٌ.

وقولُه: ﴿وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى﴾. [يقولُ: وهذه الدرجاتُ العُلى التي هي جناتُ عَدْنٍ على ما وصف ثَوابُ ﴿مَنْ تَزَكَّى﴾] (١). يعنى: مَن تَطَهَّر مِن الذُّنوب، فأطاع الله فيما أَمَرَه، ولم يُدَنِّسْ نفسَه بمعصيته فيما نهاه عنه.

القولُ في تأويل قوله جلَّ ثناؤه: ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (٧٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ولقدْ أَوْحَيْنا إلى نبيِّنا موسى إذ تابَعْنا له الحججَ على فرعونَ، فأبَى أن يَسْتَجِيب لأمر ربِّه، وطغَى وتَمادَى في طُغْيانِه، أن أسْر ليلًا ﴿بِعِبَادِي﴾. يعني: بعبادي من بني إسرائيل، ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا﴾. يقولُ: فاتَّخِذْ لهم في البحر طريقًا يابسًا. واليَبْسُ واليَبْسُ يُجْمَعُ أَيْباسٌ، يقالُ: وقَعُوا في أيْباسِ مِن الأرضِ. واليَبْسُ المُخَفَّفُ يُجْمَعُ يُبُوسٌ.

وبنحر الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهلُ التأويل.


(١) سقط من: ت ٢.